وزير الدفاع الباكستاني: الجهاد الأفغاني في الثمانينيات كان بفتوى من الـCIA وليس بفتوى شرعية

إندس – إسلام آباد-
في تصريحات نارية أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والدينية في باكستان، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف إن ما عُرف بـ”الجهاد الأفغاني” في ثمانينيات القرن الماضي لم يكن جهادًا شرعيًا، بل كان “حربًا مصطنعة بفتوى من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)”.وأوضح آصف، في كلمة ألقاها أمام البرلمان الباكستاني يوم أمس، أن الأراضي الأفغانية تحولت آنذاك إلى “ساحة صراع مفتوحة للقوى العالمية”، وأن ما تم الترويج له باعتباره “جهادًا ضد الاتحاد السوفييتي” لم يكن سوى “حملة دعائية ضخمة تقودها الولايات المتحدة لخدمة مصالحها الجيوسياسية في المنطقة”.وأضاف بلهجة حادة: “ذلك القتال لم يكن لصالح الإسلام، بل لصالح واشنطن. والخاسر الأكبر منه كان العالم الإسلامي نفسه، وخاصة باكستان التي دفعت الثمن الأكبر أمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا”.وفي لهجة ساخرة، تابع آصف قائلاً: “كان ذلك جهاد الدولارات، لا جهاد الإيمان. لقد صدرته مشيخة الـCIA، لا العلماء الشرعيون”، متسائلًا: “إذا كان القتال في أفغانستان جهادًا كما زُعم، فلماذا صُنّف مقاتلو طالبان لاحقًا كإرهابيين في السجلات الأمريكية؟”.وانتقد وزير الدفاع بشدة حركة طالبان، مؤكدًا أنها “دمى مستعملة في يد أجهزة الاستخبارات الدولية”، ولا علاقة لها بالإسلام أو بمصالح المسلمين، مشيرًا إلى أن العالم الإسلامي “انخدع بالمصطلحات التي صاغها الغرب، فدخل حربًا ضد السوفييت تحت لافتة الجهاد، ليُستخدم كأداة في لعبة الأمم”.وقال آصف: “لقد وقفنا إلى جانب من سُمّوا بالمجاهدين الأفغان، فكانت النتيجة أن التصق الإرهاب بالإسلام، وأصبحنا نحن من يدفع ثمن تلك الحرب حتى اليوم”.
ودعا الوزير خلال خطابه إلى “إعادة ضبط العلاقة بين الدولة والمؤسسات الدينية”، مطالبًا بضرورة تسجيل جميع المراكز والمدارس الدينية تحت إشراف وزارة الأوقاف الباكستانية، معتبرًا أن “غياب الرقابة الرسمية سمح بتفشي الفكر المتطرف وتدفق التمويل غير المنضبط إلى المدارس الدينية”.كما اتهم رجال الدين الباكستانيين وبعض القيادات الفكرية بدعم طالبان الباكستانية، مؤكدًا أن كثيرًا من المدارس الدينية لا تزال تعمل خارج إطار القانون، ما يصعّب على الحكومة مراقبة أنشطتها ومصادر تمويلها.
تصريحات آصف أثارت ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية والدينية، إذ وصفها بعض النواب بأنها “صادمة ومسيئة للتاريخ الجهادي للمسلمين”، فيما اعتبرها آخرون “صرخة تحذير متأخرة” من أحد أبرز وجوه المؤسسة الحاكمة، تعكس حجم الإحباط من تصاعد التطرف وعودة الهجمات الإرهابية في البلاد.
ويُعرف خواجة محمد آصف بمواقفه الجريئة وانتقاداته الحادة للحركات الدينية المسلحة، وقد سبق أن أثار الجدل بتصريحات مشابهة حول علاقة باكستان بالحركات الجهادية خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات.تأتي هذه التصريحات في ظل تزايد التوتر الأمني بين باكستان وأفغانستان، وارتفاع وتيرة العمليات الإرهابية المنسوبة لحركة طالبان الباكستانية، في وقت تحاول فيه الحكومة الباكستانية إعادة صياغة سياساتها الأمنية والدينية لمواجهة موجة التطرف المتنامية.




