وفاة العالم الشيعي الوهابي آغا شرف الدين بلتستاني… رحيل صوت الإصلاح والتقريب المثير للجدل

كراتشي – مركز إندس للدراسات الباكستانية-
توفي في مدينة كراتشي، العلامة والمفكر الإسلامي المعروف آغا شرف الدين البلتستاني، عن عمر ناهز السبعين عامًا، بعد مسيرة فكرية وعلمية امتدت لعقود، خاض خلالها معارك فكرية وعقائدية داخل الطائفة الشيعية، داعيًا إلى الإصلاح والعودة إلى أصول الإسلام الأولى.
وُلد آغا شرف الدين في مدينة شيغر بإقليم جلجت بلتستان شمال باكستان، ودرس العلوم الدينية في المدارس الحوزوية الإيرانية، حيث تخرّج بشهادات عالية في الفقه والكلام. إلا أن مسيرته العلمية تميّزت بتوجهه النقدي لعدد من الأسس العقائدية المعتمدة لدى المدرسة الشيعية الإمامية، حيث دعا إلى مراجعة التراث العقدي الشيعي، وطرح قراءات بديلة أقرب في مضمونها إلى العقيدة السلفية، خاصة فيما يتعلق بقضايا عقدية جوهرية لدى الشيعة مثل الإمامة والخلافة، والصحابة وأمهات المؤمنين والإمام المهدي.
ألف الراحل ما يزيد عن 100 مؤلف ديني وعقائدي، ركز خلالها على تنقية العقيدة من شوائب الغلو، ورفض ما وصفه بـ”الافتراءات غير المؤسسة” في بعض كتب الموروث الشيعي بحق الصحابة الكرام وزوجات النبي ﷺ، داعيًا إلى قراءة منصفة ومتصالحة مع التاريخ الإسلامي المشترك.
من أبرز مواقفه التي أثارت الجدل، رفضه الصريح لنظرية الإمامة بالنص، ودعوته إلى الاتفاق مع أهل السنة في رؤية الإمام المهدي، باعتباره شخصية مستقبلية غير معصومة، لا تختلف عن باقي رموز الأمة في صفاتها البشرية.
هذا التوجه الإصلاحي قوبل برفض واسع من بعض المؤسسات الدينية الشيعية، ما أدى إلى طرده من مسقط رأسه شيغر في بلتستان، وانتقاله للعيش إلى مدينة كراتشي، حيث قضى العقود الأخيرة من حياته في العمل العلمي، والتأليف، واللقاءات الفكرية الهادئة.
ورغم الجدل الذي رافق مسيرته، إلا أن آغا شرف الدين عُرف بخطابه الهادئ والمعتدل، وسعيه لـالتقريب بين المذاهب الإسلامية المختلفة، مما أكسبه احترامًا في بعض الأوساط الفكرية السنية والشيعية المعتدلة، رغم ما واجهه من رفض وتشكيك من التيارات التقليدية.
تُشيّع جنازته في كراتشي، وسط حضور محدود من تلامذته ومحبّيه، بينما عبّر بعض العلماء والباحثين عن تقديرهم لدوره في إعادة فتح النقاشات الفكرية داخل المذهب الشيعي، وتحفيز العقل النقدي في بيئة طالما غلب عليها الانغلاق.
رحل آغا شرف الدين البلتستاني، لكن إرثه الفكري سيظل حاضرًا، مادةً للتأمل والنقد والاختلاف، في رحلة البحث المستمر عن الحقيقة والاعتدال.
