المؤسس والرئيس التنفيذي للمركز: د. عبدالغني أنجم
شؤون دوليةقراءات أمنيةكلمة إندسمقالات

مواجهة جديدة بين الشيعة والحكومة الباكستانية.

كلمة إندس للدراسات الباكستانية-

تشهد الحدود الإيرانية الباكستانية توترًا متصاعدًا، إثر احتجاجات واعتصامات تنظمها جماعات شيعية باكستانية، رفضًا لقرار حكومي يقضي بحظر السفر البري إلى إيران والعراق. القرار الذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، أثار موجة غضب عارمة في الأوساط الشيعية، وتسبب بخروج مظاهرات واسعة في عدة مدن باكستانية، لاسيما في إقليم بلوشستان ومدينة كويتا، حيث يحتشد آلاف المتظاهرين قرب المعابر الحدودية.
ويأتي هذا التصعيد بعد إعلان السلطات الباكستانية إغلاق المنافذ البرية مع إيران أمام الزوار الشيعة، في خطوة وصفتها بأنها “إجراء أمني احترازي”، وذلك عقب تقارير استخباراتية أفادت باختفاء أكثر من 50 ألف زائر شيعي خلال زيارة الأربعين في العام الماضي، دون عودتهم إلى البلاد. وتشير مصادر أمنية إلى احتمال انخراط عدد كبير من هؤلاء في صفوف ميليشيات مدعومة من إيران تقاتل في بؤر صراع بالشرق الأوسط، ما أثار قلقًا أمنيًا كبيرًا لدى إسلام آباد.

القرار الأمني: أسبابه وتداعياته:
وبحسب وزارة الداخلية الباكستانية، فإن القرار يهدف إلى الحد من تسلل العناصر المتطرفة إلى ساحات الصراع الخارجية، عبر تعزيز الرقابة على حركة الزوار، وحصر سفرهم في الرحلات الجوية فقط، حيث تكون آليات التفتيش والمراقبة بالمطارات أكثر صرامة. وشددت الحكومة على أن الخطوة تأتي لحماية الأمن القومي، ومنع تورط مواطنين باكستانيين في صراعات خارجية قد تنعكس سلبًا على الداخل.

الرفض الشيعي يتصاعد:
من جهتها، وصفت القوى الشيعية القرار بأنه “ظالم واستفزازي”، واتهمت الحكومة بالخضوع للإملاءات الأمريكية والخليجية. وقال رئيس مجلس وحدة المسلمين الشيعي، راجا ناصر عباس جعفري، في كلمة ألقاها أمام حشود المعتصمين قرب معبر تافتان الحدودي: “لن نغادر هذا المكان حتى يتم فتح الحدود أمام الزوار. وإذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا، فسندخل إلى إيران جماعيًا، دون تأشيرة أو إذن من السلطات الباكستانية.”

مخاوف من تصعيد محتمل:
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، يتزايد القلق من احتمالية تصاعد الموقف إلى مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن، خاصة مع دعوات بعض الأطراف الشيعية إلى “عصيان مدني شامل” إذا لم يتم التراجع عن القرار. وفي الوقت نفسه، دعت منظمات حقوقية إلى فتح تحقيق شفاف بشأن مصير الزوار المختفين، وتقديم توضيحات للرأي العام حفاظا على سمعة باكستان وشعبها.

الملف يتجاوز الداخل الباكستاني:
يرى مراقبون أن هذا الملف يتعدى الأبعاد الدينية والأمنية، ليدخل في صلب التوازنات الجيوسياسية بين باكستان وإيران، في ظل توتر إقليمي متزايد. كما يتزامن القرار مع ضغوط دولية تمارسها واشنطن وبعض العواصم الخليجية على إسلام آباد لضبط تحركات الجماعات الشيعية الموالية لطهران، والتي تنشط في مناطق حدودية حساسة.
كما كشفت تقارير موثوقة حديثة عن تورط عناصر باكستانية في القتال إلى جانب القوات الروسية ضد أوكرانيا، ما يثير تساؤلات جديدة حول مصير آلاف الزوار الشيعة الذين اختفوا العام الماضي عقب خروجهم من البلاد عبر المنافذ البرية باتجاه إيران والعراق.
ويرى مراقبون أن بعض هؤلاء قد يكونون قد انتقلوا لاحقًا إلى ساحات قتال أخرى، ضمن شبكة تنقل عابرة للحدود تقودها ميليشيات مدعومة من طهران، الأمر الذي دفع السلطات الباكستانية لتشديد الرقابة وفرض قيود صارمة على حركة الزوار.
وفي ظل التصعيد المتواصل على الحدود، يُطرح سؤال محوري: هل ستتمكن الحكومة الباكستانية من فرض قرارها الأمني بمنع السفر البري؟أم أن الضغوط والاحتجاجات الشيعية ستدفعها إلى التراجع وفتح المنافذ مجددًا أمام الزوار؟
الوقائع على الأرض تشير إلى أن المواجهة لا تزال مفتوحة، والقرار النهائي قد يرسم ملامح العلاقة المستقبلية بين الدولة والجماعات الشيعية في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى