تقرير مفصّل حول تاريخ “إستاد القذافي” في لاهور

إعداد: فريق مركز إندس للدراسات الباكستانية- إسلام آباد.
يتناول هذا التقرير بدقة تاريخ إستاد القذافي (Gaddafi Stadium) في مدينة لاهور، بدءاً من مراحل إنشائه، والجهات التي تولّت بناءه، وتاريخ تأسيسه، وصولاً إلى أسباب تسميته باسم القذافي ومدى صحة الأحاديث عن تمويل الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي للمشروع.
1. لمحة عامة — الموقع، السعة، والاستخدام الحالييُعد ملعب القذافي في لاهور أكبر ملاعب المدينة الرئيسية ومقراً للمنتخب الوطني الباكستاني وفريق لاهور قلندرز ضمن الدوري الباكستاني الممتاز (PSL)، إلى جانب استخدامه من قِبل الفرق الإقليمية. ويملكه ويشغله مجلس الكريكيت الباكستاني (PCB).
2. متى ومن أنشأ الملعب؟ (التأسيس والبناء)
تأسس الملعب واحتضن أول مباراة تجريبية للكريكيت في عام 1959 بين باكستان وأستراليا خلال الفترة من 21 إلى 26 نوفمبر 1959. كان يُعرف حينها باسم ملعب لاهور (Lahore Stadium)، وورد في بعض المصادر القديمة باسم “ملعب لاهور الأولمبي” أو ببساطة “ملعب لاهور”.صُمّم الملعب على يد المعماري نصر الدين مراد خان، المهندس الروسي المولد الذي اشتهر أيضاً بتصميم منار باكستان، بينما تولت شركة ميان عبد الخالق وشركاءه بتنفيذ أعمال البناء.
3. التجديدات والتطويرات الكبرى
في عامي 1995–1996 خضع الملعب لعملية إعادة تصميم شاملة استعداداً لاستضافة كأس العالم للكريكيت عام 1996، قادها المعماري نير علي دادا، وشملت الواجهات من الطوب الأحمر، واستبدال المقاعد الخشبية بمقاعد بلاستيكية، وتغطية المدرجات السفلية، وإنشاء مرافق جديدة. وقد أدت تلك التحديثات إلى تقليص السعة الجماهيرية لكنها منحت الملعب طابعاً عصرياً. واستضاف الملعب بعد التجديد نهائي كأس العالم 1996.أما في عامي 2024–2025، فقد أعلن مجلس الكريكيت الباكستاني عن تطويرات جديدة للملعب استعداداً للفعاليات الدولية القادمة، تضمنت إنشاء مقصورات جديدة، وإضاءة LED حديثة، وشاشات عرض، وإعادة هيكلة للمناطق المخصصة للجماهير. وأُعيد افتتاح الملعب بحُلّته الجديدة في مطلع عام 2025.
4. سبب وتاريخ تسميته باسم “ القذافي”
أُطلق اسم “ القذافي” على الملعب تكريماً للزعيم الليبي معمّر القذافي خلال فترة حكم ذو الفقار علي بوتو في باكستان. وتختلف الروايات قليلاً حول العام الدقيق؛ فبعض المصادر تشير إلى مارس 1972، في حين تذكر أخرى أن التسمية تمت في عام 1974.ورغم هذا التباين البسيط في التواريخ، تتفق جميع المصادر على أن إعادة التسمية تمت خلال مرحلة التقارب الكبير بين باكستان وليبيا في عهد بوتو والقذافي في أوائل ومنتصف السبعينيات.
5. لماذا سُمّي الملعب باسم معمّر القذافي؟ (السياق السياسي والدبلوماسي)
جاءت التسمية تكريماً لمعمر القذافي وتقديراً لمواقفه السياسية الداعمة لباكستان في تلك الفترة. فقد كان القذافي من أبرز الأصوات العربية والإسلامية التي دعمت الموقف الباكستاني في القضايا الإقليمية والدولية، كما قدمت ليبيا في عهده مساعدات مالية ودبلوماسية لباكستان. وتشير المصادر إلى أن القذافي كان من أشد المؤيدين لحق باكستان في امتلاك الأسلحة النووية في السبعينيات، وهو ما أكسبه تقديراً كبيراً من القيادة الباكستانية آنذاك.
6. هل موّلت ليبيا أو القذافي بناء الملعب فعلاً؟
لا توجد أي أدلة رسمية أو وثائق عامة تُثبت أن معمّر القذافي موّل بشكل مباشر بناء الملعب الأصلي. فالملعب شُيّد في عام 1959، أي قبل سنوات طويلة من تولّي القذافي السلطة في ليبيا عام 1969. وبذلك فإن الملعب كان قائماً بالفعل باسم “ملعب لاهور” قبل إعادة تسميته تكريماً له في السبعينيات.أما من حيث المساعدات المالية، فتشير الوثائق السياسية والتقارير الصحفية التاريخية إلى أن ليبيا في عهد القذافي قدمت مساعدات مالية لباكستان خلال فترة حكم بوتو، خصوصاً لدعم مشاريع تنموية واستراتيجية كبرى. وقد اعتبر بعض المراقبين أن إطلاق اسم القذافي على الملعب جاء كخطوة رمزية تقديرية للعلاقات الودية والمساعدات الليبية، لا كدليل على تمويل مباشر للمشروع الرياضي نفسه.وتؤكد السجلات الهندسية والمالية المتوفرة أن الملعب مشروع باكستاني بحت، بُني عام 1959 وجُدد على نفقة الحكومة الباكستانية عامي 1995–1996، في حين أن الادعاءات حول تمويل القذافي لبناء أو تجديد الملعب ليست مدعومة بأي أدلة وثائقية منشورة في السجلات العامة.
الخلاصة العامة
يُعد ملعب القذافي في لاهور مشروعاً رياضياً وطنياً باكستانياً أُنشئ عام 1959، ثم أُعيدت تسميته في أوائل السبعينيات تكريماً للزعيم الليبي معمّر القذافي، تعبيراً عن العلاقات الوثيقة والتقدير السياسي الذي حظيت به ليبيا آنذاك من حكومة ذو الفقار علي بوتو. ومن ناحية التمويل، تؤكد الدلائل المتوفرة أنه لم يكن هناك تمويل ليبي مباشر لبناء أو تطوير الملعب، وأن التسمية كانت بادرة رمزية سياسية بحتة تعكس متانة العلاقات بين البلدين في تلك الحقبة.




