المؤسس والرئيس التنفيذي للمركز: د. عبدالغني أنجم
مقال رأيمقالات

النهج العقلاني السعودي لحل القضية الفلسطينية

كتبه/ عطاء الله شهاب ( مستشار رئيس الوزراء الأسبق وعضو مجلس جمعية علماء الإسلام )-

لقد باتت ضغوط القوى الكبرى وجبروتها تفرض على الشعوب الممزقة أن تبحث عن الوحدة، وتجبر الدول الضعيفة والمتوسطة على إعادة الاصطفاف وفق متغيرات غير مسبوقة. ومما لا شك فيه أن أجواء الخوف والاضطراب تلقي بظلالها اليوم على معظم الدول الإسلامية.وإذا ما استطاعت بعض الدول الإسلامية المقتدرة – رغم تشتتها – أن تتحرر من أسر الحسابات الضيقة وتنطلق نحو مساحات الوحدة والعمل الجماعي، فإن غالبية الأمة ستسير على خطاها. وفي طليعة هذه الدول تأتي: باكستان، المملكة العربية السعودية، تركيا، ماليزيا، إيران، مصر وقطر. فبعضها يملك القوة الاقتصادية، وبعضها يمتلك الثقل البشري والسياسي، فيما برزت أخرى بفضل تفوقها التكنولوجي والمهني.باكستان، بما تحمله من قدرات عسكرية ومهنية، تُعَدّ الدولة الإسلامية الوحيدة التي جمعت بين هذه الصفات مجتمعة. أما السعودية، فهي محور عقيدة المسلمين وموئل الحرمين الشريفين، ما يمنحها مكانة الريادة الروحية والسياسية.لكن التحديات التي فرضتها السياسات الصهيونية، من مأساة غزة إلى احتلال فلسطين، ومن ثم العدوان على إيران وقطر، عرّت حقيقة المخططات الإسرائيلية التي تخفي وراءها ما هو أخطر. وفي مواجهة هذه التهديدات، مدّت باكستان يدها كالأخ الأكبر لكل من طهران والدوحة، فكانت لحظة فارقة عززت أيضًا روابطها التاريخية مع المملكة العربية السعودية، لتتوج بتوقيع اتفاقية دفاعية شاملة تعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.هذا الاتفاق يفتح المجال أمام استفادة متبادلة من القدرات العسكرية والسياسية، ويشكل مصدر فخر خاص للجيش الباكستاني الذي ينهض بمسؤولية حماية أرض الحرمين الشريفين. كما أنه يمهد الطريق أمام دول إسلامية أخرى لعقد اتفاقات مماثلة مع باكستان، بما يعزز فكرة إنشاء تكتل إسلامي موحد كان قد دعا إليه زعيم الأمة الإسلامية مولانا فضل الرحمن – حفظه الله – والذي قد يشهد في المرحلة المقبلة تسارعًا نحو التبلور.وفي الوقت الذي تترقب فيه الأمة الإسلامية ولادة مثل هذا المشروع المبارك، ستسعى قوى الطغيان العالمية بكل الوسائل لإفشاله، كما أثبتت تجارب الماضي القريب. ومع ذلك، فإن توقيع هذه الاتفاقية بين باكستان والسعودية يستحق التهنئة والإشادة، في وقت ما زالت فلسطين الجريحة تنتظر نصرة صادقة، على أمل أن يهيئ الله لهذه الأمة من أمرها رشدًا، ويعيد إليها روح العزة والإباء.أنا على يقين راسخ بأن المملكة العربية السعودية تمتلك من المقومات والقدرات ما يؤهلها لقيادة العالم الإسلامي في شتى المجالات. فصوتها مسموع في المحافل العربية والدولية، ولديها أوراق ضغط فاعلة تستطيع من خلالها التأثير على مواقف القوى الكبرى، بما يساهم في ترسيخ الأمن والسلام على مستوى العالم.ما يميز السياسة السعودية هو نهجها العقلاني القائم على الحكمة والبراغماتية، وهو ما تجلى مؤخرًا في مساعيها لحشد التأييد الدولي والضغط باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين. هذه الخطوات النوعية لا تفتح فقط أفقًا جديدًا لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، بل تضع الأساس لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عبر أدوات السياسة والدبلوماسية، بعيدًا عن دوامة العنف والاشتباكات التي لم تجلب لفلسطين سوى المزيد من الدمار والمعاناة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى