النقد الدولي: الفساد في هرم السلطة يعرقل نمو الاقتصاد الباكستاني

إندس- إسلام آباد-
كشف صندوق النقد الدولي أن الفساد في باكستان يكلف الاقتصاد ما يصل إلى 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين يعوق استحواذ النخبة على السلطة نمو البلاد ويحد من فرص الاستثمار المحلي والأجنبي. وأوضح الصندوق أن تنفيذ حزمة إصلاحات حوكمة شاملة على مدى خمس سنوات قد يرفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 5% و6.5%. وأشار الصندوق إلى أن باكستان لجأت إلى صندوق النقد الدولي 24 مرة منذ عام 1958، ما يجعلها واحدة من أكثر الدول استعانة بالمساعدات المالية الدولية، سواء تحت الحكومات العسكرية أو المدنية. ويمثل البرنامج الحالي تحت رئاسة شهباز شريف البرنامج الخامس والعشرين لباكستان مع الصندوق. وأكد الصندوق أن الفساد يعد “سمًا يستشري منذ أكثر من سبعين عامًا، يعرقل التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحويل الأموال العامة، وتشويه الأسواق، وإضعاف المنافسة العادلة، وتآكل الثقة العامة، وتقليص الاستثمارات المحلية والأجنبية”. وأضاف أن الفساد “ظاهرة مستمرة ومترسخة في الحكم في باكستان”، مشيرًا إلى عدم استثناء أي حكومة أو قائد عسكري من هذه الظاهرة.
توافق تام بين تقارير صندوق النقد الدولي ومركز إندس
تؤكد تقارير صندوق النقد الدولي مصداقية ما نشره مركز إندس للدراسات الباكستانية حول تأثير التعديلات الدستورية في باكستان على الاقتصاد الوطني. وقد أوضح المركز أن التعديلات الجديدة عززت انتشار الفساد في هرم السلطة، نظرًا لما تمنحه من حصانة مدى الحياة لبعض المناصب العليا واستثناء المسؤولين من الملاحقة، إضافة إلى منحهم سلطات واسعة تمكّنهم من التوغل في الفساد المالي. ويؤكد تقرير صندوق النقد الدولي هذه المخاطر، مشيرًا إلى أن انتشار الفساد المالي بين النخبة لا يؤثر فقط على الأداء الاقتصادي، بل يقوض أيضًا استقرار النظام الاقتصادي والاجتماعي ويضعف الثقة العامة بالمؤسسات الرسمية.
أمثلة على استحواذ النخبة
أورد التقرير مثالًا على الحكومة السابقة لحزب الإنصاف الباكستاني (PTI) في 2019، حين سمحت بتصدير السكر بشكل أثار انتقادات واسعة، ما يوضح كيف تتحكم النخبة الاقتصادية والسياسية في السياسات لصالحها الخاص على حساب المصلحة العامة.كما ذكر التقرير أن المواطنين غالبًا ما يضطرون لدفع رشاوى للحصول على الخدمات، وأن السياسات الرسمية يتم تشكيلها بما يخدم مصالح النخبة الاقتصادية والسياسية، مع تأثير سلبي مباشر على الاقتصاد الكلي ورفاهية المجتمع.
التحديات الهيكلية في القضاء
أكد صندوق النقد الدولي أن القطاع القضائي يعاني من تعقيدات تنظيمية، ويواجه صعوبات في تطبيق العقود وحماية حقوق الملكية بسبب قوانين قديمة ومشكلات تتعلق بنزاهة القضاة وكفاءة النظام القضائي. وأضاف أن تفتت المؤسسات الرقابية وغياب استقلاليتها التشغيلية يزيد من مخاطر الفساد ويضعف الثقة العامة.وأشار التقرير إلى أن التعديلات الأخيرة على المادة 26 من الدستور، والتي غيّرت طريقة تعيين رئيس المحكمة العليا وزادت عدد أعضاء اللجنة القضائية، قد تحسن الشفافية والمشاركة، لكنها تثير مخاوف حول احتمال تأثيرها على استقلال القضاء إذا لم تُطبق مع ضمانات كافية.
دراسات حالة: قطاع السكر
أوضح الصندوق أن قطاع السكر مثال على كيفية استحواذ النخبة على السياسات العامة، حيث تضمن أصحاب مصانع السكر أسعارًا مفضّلة وحصانات جمركية تحمي أرباحهم على حساب تنافسية السوق، بينما تسبب قرار الحكومة عام 2018–2019 بتصدير كميات كبيرة في نقص محلي وارتفاع الأسعار.
خلاصة
خلص صندوق النقد الدولي إلى أن الفساد المستشري، واستحواذ النخبة على السلطة، وضعف آليات الرقابة القضائية والإدارية، جميعها عوامل تعيق النمو الاقتصادي في باكستان وتقوض ثقة المواطنين بالمؤسسات العامة. واعتبر الصندوق أن إصلاح الحوكمة وتعزيز الشفافية والنزاهة، بما يشمل معايير واضحة لاختيار القضاة وتعزيز مؤسسات الرقابة، يمثل خطوة أساسية لإعادة استقرار الاقتصاد وتعزيز الثقة العامة.




